نهج التعامل مع الحديث النبوي

بسم الله الرحمن الرحيم ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلاوحي يوحى ) القران الكريم اعتبر المصدر الثاني للتشريع هو سنة النبي المصطفى (ص) حيث قال ( وما ينطق عن الهوى) وقال (ماأتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا)حديثنا هذه الليلة عن منهج التعامل مع الحديث النبوي, ماهو المنهج الصحيح في التعامل مع الحديث النبوي؟في ضمن هذا الإطار نتحدث عن نقطتين:


1- ما هي الفوارق الجوهرية في منهج التعامل بين منهج الإمامية وغيرهم ؟

2- لماذا ليس عند الإمامية كتاب صحيح يشتمل على الأحاديث الصحيحة ؟

النقطة الأولى:

الأحاديث النبوية التي رويت عن النبي (ص) من طريق أهل البيت أو من طريق الصحابة, هذه الأحاديث النبوية كيفنتعامل معها ؟

هناك فارقان ( منهجان ): منهج الشيعة الإمامية ومنهج المذاهب الإسلامية الأخرى ما هو الفرق بين المنهجين ؟ هناك
فارقان:


الفارق الأول: أن الإمامية لأنهم يعتقدون بالعصمةالمطلقة للنبي(ص) فهم يقولون جميع ما يصدر عن النبي فهو
حجة سواء كان متعلقا بالجوانب الشخصية أو كان متعلقابالجوانب الإلهية فالله سبحانه يقول(وما أتاكم الرسولفخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) من غير تحديد أو تفصيل بينالقضايا الشخصية أو القضايا الإلهية (وما ينطق عن الهوى) أيضا من غير تحديد ولا تفصيل, لذلك بما أن النبي (ص)معصوم عصمة مطلقة إذا علينا أن ندون جميع أحاديثه وندونجميع أوامره ونواهيه من دون تفصيل بين الأمرين لذلك تجدالشيعة الإمامية سبقوا غيرهم في تدوين الحديث وفيالاهتمام به وفي شمولية التدوين.المنهج الآخر لأنه لا يعتقد بعصمة النبي المطلقة لذلك تأخر في تدوين الحديث ولذلك لم يجمع جميع ما اثر عنالنبي(ص) ولو كان في القضايا الشخصية


أمثلة:
الذهبي في تذكرة الحفاظ الجزء الأول ص5 ينقل عنعبدالله بن عمر بن العاص يقول كنت اكتب كل شئ اسمعه منرسول الله (ص) فنهتني قريش عن ذلك وقالت إن رسول الله بشر يتكلم في الرضا والغضب ( يعني ليس معصوما عصمة مطلقةفأمسكت عن الكتابة فذكرت ذلك لرسول الله (ص) فقال اكتبفوالذي نفسي بيده ما خرج منه وأشار إلى فمه ما خرج منه إلا الحق.



وليس هذا عند قريش فقط ولكنه نهج ممتد حتى يومنا هذا .


عند غير الإمامية راجع أيضا تذكرة الحفاظ الجزء الأولص2,3 يقول إن فلانا من الصحابة جمع الناس بعد وفاة النبيوقال إنكم تحدثون عن رسول الله ص أحاديث تختلفون فيهافلا تحدثوا عن رسول الله شيئا فمن سألكم فقولوا بينناكتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه إذا نلاحظ أن هناك خط موجود عند بعض الصحابة وهو المنع عن حديث النبي هذا الخط قائم على أساس الفرق بين ما هوبشري وما هو الهي وقد امتد هذا المنع.


إذا اغلب الحديث النبوي الذي لم يرد عن أهل البيت ضاع وتلف لأنه لم يدون من إلا صحائف معدودة ذات وريقاتمعدودة لا تبلغ 200 حديث أو 300 حديث وهذا ضاع وتلف بموتالحفاظ أو موت المدونين الذين كانوا يهتمون بهذا الحديثوبقي هذا الأمر إلى زمان الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز يقول في فتح الباري الجزء الأول ص218 كتب عمر بنعبد العزيز إلى أهل المدينة (انظروا حديث رسول الله فاكتبوه فاني خفت دروس العلم وذهاب أهله ) فكان ابن شهاب الزهري أول من دون الحديث على راس المئة يعني بعد 100سنةمن الهجرة يعني بعد ما ضاع منه كثير ومات حفاظ كثيرون.أما بالنسبة للامامية فإنهم كانوا يستندون إلى أهل البيت وأهل البيت كانوا موجودين فنحن نأخذ أحاديث النبي عن أهل البيت وهم يحدثون عن النبي لا عن أنفسهم ولذلك يقول الإمام الصادق(ع) ( لو كنا نفتي الناس برأينا وهوانالكنا من الهالكين إنما هي أصول علم نتوارثها كابر عن كابر عن رسول الله ) إذاً الأمر سهل بالنسبة لنا نحن الإمامية لان أحاديث النبي حفظت عبر أهل البيت الذين اهتموا بتدوينها.والآن لاحظ رجال النجاشي رقم80 عن احمد بن محمد بن عيسىيقول لقيت الحسن بن علي الوشا طلبت منه بعض الكتب ثم قاللي إني أدركت في هذا المسجد يعني مسجد الكوفة 900شيخ كليقول حدثني جعفر بن محمد 900شيخ ترى كل شيخ يحفظ كم حديث نفترض 200او 300 حديث كل يروي عن جعفر وجعفر يروي عنرسول الله ص إذا حفظت سنة النبي ص فالحديث من طرفالإمامية كان مدونا مصونا محافظا عليه ولذلك نقول بانالإمامية اسبق من غيرهم في الاهتمام بتدوين الحديثوالمحافظة عليه انطلاقا من عقيدتهم بالعصمة المطلقةللنبي ص هذا هو الفارق الأول بين الامامي والمنهج الآخر.



االفارق الثاني:

بما أن الشيعة الإمامية يعتقدون بحجية أهل البيت (ع),أهلالبيت وصى بهم النبي (ص)ففي حديث الثقلين ( إني مخلففيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتمبهما لن تضلوا بعدي ) هذا ما رواة مسلم في صحيحه في بابفضائل الإمام علي (ع),رواة الترمذي في سننه, ورواه أحمدبن حنبل في مسنده , الشيعة تمسكوا بهذا الحديث ,قالوا:تراث أهل البيت يجب حفظه والتمسك به إتباعا لحديثالثقلين ,ولكن مع الأسف لم تهتم المذاهب الاسلاميهالأخرى بتراث أهل البيت(ع),و الآن يأتي البعض ويقول:أينتراث أهل البيت حتى نأخذه؟ هذا كلام فيه مغالطة, أناأعطيك مثال بسيط الصحيفة السجادية) كتاب أدعية ليس فيهتعرض لبعض الصحابة وليس فيه تعرض للعقائد ولا للفكرالشيعي صحيفة تضم أدعية وسندها معتبر عند غير الإمامية,فقد وصلتنا بسند متصل عن زيد بن علي بن الحسين يعني عنطريق الزيدية لا الشيعة, ومع ذلك لا تجد للصحيفةالسجادية أثرا ولا ذكرا عند غير الشيعة الإمامية هذاابسط مثال لتراث أهل البيت وهو لا يعتنى به ولا يهتم به.والآن أعطيك أدلة على عدم الاهتمام بتراث أهل البيت:


لاحظ الذهبي يقول في ترجمة الإمام الباقر ( وقد كان أبوجعفر إماما مجتهدا تاليا لكتاب الله كبير الشأن ولكن....)

(لماذا لكن هذه) ولكن لا يبلغ في القران درجة ابن كثيرولا في الفقه درجة أبي الزناد ولا في الحفظ ومعرفة السنندرجة قتادة, ولا, ولا........ماذا أبقيت له)؟ أنت تترجم لمالك والاوزاعي وغيره ولمنرك في تراجمهم قلت ولكن هذه ليست مسالة عفوية, لماذا مجموعة من المحدثينوالمؤرخين من إخواننا أهملت تراث أهل البيت (ع) البخاريصاحب صحيح البخاري ما روى عن الإمام الصادق ولا روايةواحدة إذا كنت لا تعتبره إمام فعلى الأقل اعتبره راويكما تعتبر أبو هريرة راوي مع إن البخاري يروي عن عمر ابنحطان الخارجي الذي كان يسخر بقتل أمير المؤمنين الجزءالخامس كتاب اللباس ص2194ما معنى الاهتمام بتراث أهل البيت وما معنى حب أهل البيتإذا كان من يسب عليا ويلعنه يعتبر من الثقاة الذين يروىعنهم وجعفر الصادق يتوقف في روايته
إذن الفوارق بين منهج الإمامية وبين منهج فيرهم هي:


1-المنهج الامامي يعتمد على العصمة المطلقة لذلك هم أولمن دون الحديث.

2- المنهج الامامي يهتم بتراث أهل البيت والمنهج الآخرلا يهتم.


النقطة الثانية:

نسمع كثيرا من الدعوات من الشيعة ملاحظات: انه لماذا لايملك الشيعة كتابا صحيحا الآخرون يقولون نحن خطونا خطواتجبارة لأننا ألفنا كتابين صحيحين صحيح البخاري ومسلمولكن الشيعة على كثرة كتبهم لم يخطو هذه الخطوة فلماذا؟نحن نناقش هذه الدعوة عندنا ثلاث ملاحظات:


1-هل إن البخاري ومسلم صحيحان حتى عند أهل السنة كل أهل السنة ؟ هناك اختلاف بينهم والدليل هو:

الذهبي في كتاب الضعفاء الجزء الثاني ص557 قال( البخاريصاحب الصحيح من الضعفاء ) اعتبره من الرواة الضعفاء وليسمن الثقاة وهذا الذهبي من علماء الرجال عند إخواننا أهلالسنة, تعال إلى ابن حجر في كتابه طبقات المدلسين ص24 فيترجمة محمد ابن إسماعيل اقل محمد بن إسماعيل بن إبراهيمبن المغيرة البخاري الإمام وصفه بالتدليس أبو عبدالله بنمنده في كلام له وقال اخرج البخاري قال لنا فلان وقاللنا فلان وهو تدليس ولم يوافق ابن مندة على ذلك.إذا الذهبي يضعف البخاري وابن حجر ينقل كلاما فيه فيطبقات المدلسين إذا صار الأمر موضع اختلاف وليس موضع اتفاق.



2- الملاحظة الثانية: من قال لك بأننا لم نخط هذه الخطوات لاحظ الشيخ حسن بن الشهيد الثاني له كتاب معروف
منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان اقتصر علىالأحاديث الصحيحة والحسنة. أيضا الشيخ البهبودي الذي كتب كتاب صحيح الكافي يعني اقتصر على الأحاديث الصحيحة منكتاب الكافي وطبعه وسماه صحيح الكافي وهو كتاب معروفاستخرج منه 5072 حديثا صحيحا و144ى حديثا حسنا و 1118
حديث موثقا والباقي اعتبره ضعيف من كتاب الكافي فإذا كيفتقول انه ليس لدينا محاولات مع إن هذه المحاولات قديمةمن القرن السابع الهجري 3-


الملاحظة الثالثة: نحن لا نرى فائدة ( يعني إناستخراج الصحاح من الأحاديث أمر يستطيع فعله أي شخص ولولم يكن عالما ) أنت تستطيع الآن فتح كتاب الكافي فيالكمبيوتر وتقرا سند أي رواية وتراجع كل واحد من رجالالسند في كتاب معجم الرجال للسيد الخوئي فتعرف بان هذاالحديث صحيح أم لا فتستطيع بذلك إن تؤلف كتابا في صحيحأحاديث الشيعة فإذا هذا المر ليس بالأمر العظيم خصوصا فيزمن الكمبيوتر حتى تقول خطونا خطوات جبارة.نحن لا نرى كتاب الكافي صحيحا ولا غيره من الكتب نقولانه كتاب متقن تعب عليه مؤلفه في جمع الآثار والرواياتولكنه يحتوي على الصحيح وغيره والموثق وغيره والضعيفنأخذ منه ما هو معتبر ونرفض ما ليس معتبرا عندنا وليسمهما إن يكون لدينا كتاب صحيح لماذا؟ لان هناك فرق بينصحيح السند وبين صحيح المضمون قد يكون صحيح السند ولانعمل به لان مذهب الشيعة مذهب عقلي يعتمد على العقل في استنطاق الأحاديث وفي فهمها وفي الاستدلال بها هناك شروطللعمل بهذا الحديث إذا لم تتوفر حتى إذا كان صحيحا سندا
لا نعمل به والشروط هي :



1-أن لا يكون للحديث اصل إسرائيلي يعني من التوراة أوالإنجيل المحرفين فإذا كان فنحن نشك في صدوره من النبيفلا نعمل به بل نحكم عقلنا نذكر بعض الأمثلة إذا تراجع كتاب مجموع الفتاوى المجلد الخامس ص527 ينقل عن شيخ الإسلام قال مما جاءت به الآثار عن النبي (ص) انهإذا جلس تبارك وتعالى على الكرسي سمع له اطيط كاطيطالرحل الجديد هذا الحديث نحن نرفضه حتى لو إن شيخ الإسلام صححه لان له أصلا في التوراة المحرفة.


2- إن لا يكون مخالفا لما هو ضرورة من ضروريات الدين مثلمسالة تحريف القران يوجد رواية في الكافي تذكر إن القرانالذي جاء به جبريل على النبي سبعة عشر ألف آية وآيات القران لا تصل إلى هذا العدد لذلك هذه الرواية نطرحها لانعمل بها


3- إن لا يكون الحديث مرفوض عقلا في صحيح البخاري الجزءالأول ص449 الطبعة الثالثة يقول عن أبي هريرة عن النبيلما أرسل ملك الموت إلى موسى فلما جاءه صكه فرجع إلى ربهفقال أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت وهذا الحديث مرفوض لأنه مخالف للعقل.


4-أن لا يكون الحديث موجبا لوهن مقام النبي أو وهن مقام أهل البيت مثل إن النبي سها في الصلاة وغيرها
إذن ليس كل ما هو صحيح سندا يعمل به نحن عندنا عقل يتحكمفي العمل بالحديث ونحن نسير على منهج أهل البيت (ع) أئمةالهدى الذين أمر رسول الله (ص) بطاعتهم والسير علىطريقهم (مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من تمسك بهانجى ومن تخلف عنها غرق وهوى )


الحقائق الضائعة
عرض الملف الشخصي العام
البحث عن جميع الإضافات بواسطة الحقائق الضائعة